معرض "قط الشوارع" يمثل فصلًا زمنيّا يُربي على خمسة وعشرين سنة من أعمال الفنّان فريد أبو شقرة، ويشكّل تلخيصًا مرحليّا لجسد أعماله الوافرة. يركز هذا المعرض على الأعمال ثنائيّة الأبعاد، منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، عندما أنهى فريد دراسته في مدرسة الرسم "كاليشر" في تل أبيب، وحتى الفترة الأخيرة، مع سلسلة لوحات المناظر المُطرّزة، التي تعرض هنا لأول مرة.
تغطي هذه الأعمال تشكيلة من التقنيّات المختلفة: الرسم بألوان الأكريليك والألوان المائية، النقش الغائر، التثقيب بالإبرة، الطلاء بالتربة، التطريز بخيوط ملونة والكولاج. على مر السنين طوّر فريد لغته الشخصيّة التي يزاوج من خلالها بين التصويرات اليوميّة والزخرفة الشرقيّة الفلسطينيّة، ويرسم سردًا يجمع بين المنظر المحليّ ومؤشرات فن الخط. يلامس فريد الهُويّة الفلسطينيّة التقليديّة المعاصرة، وكذلك نقاط التقائها مع الثقافة والواقع الإسرائيليين. في مجموعات الأعمال الجديدة "مناظر مطرزة" و"سماء مطرزة" علّم فريد نفسه تطريز النماذج الفلسطينيّة التقليديّة ودمجها مع تصويرات المناظر الريفيّة أو مع السماء الداكنة التي يضيئها تفجير هائل.
المجموعة الأكبر المشاركة في هذا المعرض هي مجموعة القطط، والتي ترافق فريد منذ بداية طريقه الفنّيّ وما زالت تثري أعماله حتى اليوم. القط في أعمال فريد هو تصوير أيقونيّ، يمثل مبدأً شخصيّا قوميّا وكونيّا في الوقت نفسه، بدءًا من التوصيف الساخر لقط صغير شبقيّ في أعماله السابقة وحتى القط المتأهب، الذي يرفع أقدامه ويجري هاربًا في أعماله الأخيرة. ففي هذا القط حيويّة وحشيّة متملصة، يمكن أن نلاحظ فيها صدى لهوية فلسطينيّة إسرائيليّة، تقبع في الساحات الخلفيّة للحيز الإسرائيليّ وتمارس هناك أسلوب حياة البقاء غير الهادئ، والذي يتنقل نحو الداخل والخارج بالتناوب.
مجموعة المناظر الطبيعيّة – حقول السنابل أو التلال المنخفضة، التي ترتدي العشب – ترتبط بمناظر وادي عارة ومرج ابن عامر، المناظر التي انطبعت في ذاكرة فريد منذ فترة الطفولة، وفوقها يحلق دائمًا سربًا من الطائرات المقاتلة المحملة بالأسلحة، والتي تخدش هدوء المناظر وتُقحم فيه عنصرًا من القوة والعنف. مناظر مشابهة تظهر إلى جانب طوابع بريديّة رسميّة إسرائيليّة ومغلفات اليوم الأول للإصدار، تشكل التقاءً يدعو إلى التفكير في الموتيف المرسوم بين القيم القوميّة المتمثلة في الطوابع. في أعمال التراب، المبنية على عمليّة التغطية والطلاء في تراب من مواقع مختلفة، يطرح فريد تصويرات الأسلحة ويعوّم كتابات، ربما ناهضة وربما مقبورة: WAR IS OVER.
علاوة على ذلك، يشمل المعرض أعمالًا هي تكريم شخصيّ من فريد لابن عمه الرسام المرحوم عاصم أبو شقرة (1961-1990)، الذي كان شريكًا وصديقًا ومصدر إلهام.
طالي تمير